الاخوان بين الدعوة والدولة


فى السياسة تتداخل المفاهيم ويتم التلاعب بالألفاظ حتى يستطيه أهل السياسة تحقيق أهدافهم والانتصار لأفكارهم وبرامجهم وهذا عماده فى الأساس عندهم هو هدم الطرف الآخر أو المنافس وتشويه صورته فضلا عن فكرته من أجل ان ينفض الناس عنهم وهنا يتداخل الحق بالباطل والصدق بالكذب والحقيقة بالتلفيق وخصوصا فى بلادنا العربية عموما ومصر فى القلب منها خصوصا حيث تعشش الديكتاتوريات وتضيع الحقوق وتسجن الحرية ويتوغل الأمن وتمتلئ السجون والمعتقلات وتحجب الأصوات عن الاعلام الذى يمسخ هو الآخر ليصبح ببغاءا للديكتاتوريات يكرر ما يقولون ويسفه من يعارضون وهذا الأمر أصاب أشد ما أصاب جماعة الاخوان المسلمين ودعوتها وأفكارها فشوهت دعوتها وسفهت أفكارها وحورب قادتها وأعضاؤها حتى اختلط على الناس فهم دعوة الاخوان ومشروعهم الاصلاحى فاختلط الحابل بالنابل من خلط واضح بين المواقف السياسية المتحركة والمشروع الاصلاحى الثابت فشوهت الصورة فى عيون الناس معتمدين فى ذلك على الحالة الثقافية والتعليمية المتردية لهذا الشعب المسكين وقد أشيع فى سبيل ذلك التشويه الممنهج والمقصود شبهات عدة ابتداءا من العلاقة بين الدين والسياسة ومرورا بالدولة الدينية والدولة المدنية وليس انتهاءا بالعلاقة بين الدعوة والدولة .فملأوا عقول الناس بتفاهات ومنعوا الاخوان من شرح وجهة نظرهم وتبيين فكرهم للناس الذين يفترض بهم أن يكونوا هم القاضى الوحيد فى الحكم على الأفكار المختلفة والسياسات المتعددة كما تقول الديمقراطية ولكن هذا هو حال الديكتاتوريات دوما منذ فجر التاريخ .
وهنا لست أنا بصدد الحديث باسم الاخوان فهذا شرف لا أدعيه وفضل لا أنكره ولكنى هنا أتحدث عن وجهة نظرى فقد يتفق معها الاخوان أو يختلفوا ولكنها ومن المؤكد هى نظرتى الشخصية وتحليلى حسب فهمى فان أصبت فلى أجرين وان أخطأت فلى أجر واحد ان شاء الله تعالى .
لقد تحولت جميع الدعوات فى التاريخ تقريبا الى دول أو كادت ان تصبح وللأسف ايضا انتهت هذه الدعوات بانتهاء هذه الدول ففى التاريخ الاسلامى مثلا كانت الدعوة العباسية كما كانت دعوة الموحدين والمرابطين فى الشمال الأفريقى والدولة الفاطمية فى مصر وليبيا حتى الدعوة الشيعية ونظريتها السياسية "الامامة" تحولت الى دولة فى ايران ويعلم الله مستقبلها وان كنت أتوقع أن يؤول مستقبلها كما آل اليه مستقبل سابقاتها وذلك لأسباب عدة ليس الآن مجال شرحها .
ودعوة الاخوان المسلمين وان كانت لم تتطرق فى أدبياتها الى هذا المستقبل هى سائرة فى نفس الطريق الذى سارت فيه الدعوات من قبل شاءت أم أبت ولكنها لم تضع قدمها بعد على مفترق الطرق ومن أجل ذلك فهذا هو وقت الكلام والتنظير قبل ان تحين اللحظة التى لن يكون للكلام فيها فائدة .
ان انتشار الديمقراطية والدولة الحديثة فصل بناء الدولة من مؤسسات وسلطات عن الأفكار والدعوات . فجعلت بناء الدولة بيتا فارغا تتناوب على دخوله الأفكار والأحزاب فترة ما حتى اذا ما كرهها سكان هذا البيت ورأوا أنها غير مناسبة لهم فتحوا الأبوب والنوافذ حتى تخرج هذه الفكرة أو تلك الدعوة فتدخل غيرها وبذلك يتجدد شباب هذه الدولة وتستعيد حيويتها .
ان  التزام الاخوان المسلمين بالديمقراطية كحلبة للتصارع السياسى وكطريق للوصول الى الحكم قد يجعل أمام هذه الدعوة فرصة للبقاء والخلود على عكس سابقاتها وذلك اعتمادا على التالى  :
1-     ان مشروع الاخوان الاصلاحى مبنى اساسا على التربية وذلك يستلزم الاعتماد على رضا الناس واختيارهم راضين غير مجبرين ومحبين غير مضطرين وقد ظهر هذا واضحا فى بعض مواقف الاخوان السياسية كموقف " المشاركة لا المغالبة " وموقفهم فى بعض الدول العربية كاليمن والسودان من رفض استلام السلطة والقفز عليها رغم أن الفرصة كانت مواتية لهم .
2-   انه من يعتقد من داخل الاخوان بفكرة الحاكمية من وجهة النظر القطبية يؤمن بغير شك فى أنه لا يجوز جبر الناس على حكم ما أو على فكر ما وان كان هذا الحكم هو حتى حكم الشريعة  فان مقتضى الرسالة الالهية التى أمر الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم هى التبليغ وليس النتائج لقول الله عزوجل "يا أيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته ".
3-   ان بقاء فكرة الاخوان ودعوة الاخوان وجماعة الاخوان  خارج مؤسسات الدولة وأجهزتها الرسمية "اذا وصل الاخوان الى سدة الحكم " هى ضمانة مهمة جدا لبقاء الجماعة ككيان وبقاء دعوتها حية لا تلوثها ولا تلونها حوادث السياسة التى تقع للدول من هزائم وانكسارات وهذا يضمن لها أن تعيد تقييم نفسها وتصحيح أوضاعها لتعيد تقييم الموقف من جديد وتبدأ فى الطريق مرة أخرى عندما يدعو الداعى الى ذلك .
4-   ان الديمقراطية نفسها كنظام لتبادل السلطة حسب اختيار الناس عن طريق الانتخاب لهو نظام مناسب جدا لابقاء الاخوان دعوة وجماعة فى طور الحياة لأن الناس ان منحوا  ثقتهم للاخوان فى دورة ولم يحسن الاخوان الأداء أو أساءوا فلن يعود الناس الى انتخابهم مرة أخرى وهذا وحده كاف لايقاظ الجماعة من غفلة أو خطأ تكون قد اقترفته وهذا عامل حيوى فى الحفاظ على شباب الجماعة وحيويتها .

ان  أروع ما يجب على الاخوان انجازه والعمل فى سبيله حقا هو " اقامة  الدولة المصرية الحديثة " دولة مؤسسات حقيقية تعتمد على الديمقراطية مماثلة للدول الغربية فى بنائها ومختلفة معها فى علمانيتها قوام هذه الدولة دستور حقيقى يرتضيه الشعب كله أو غالبيته ليكون ميثاق هذه الدولة وتعمل مؤسسات هذه الدولة على الحفاظ عليه وتتنافس الدعوات والأفكار والأحزاب مع بعضها  حتى ينالوا ثقة الناس فيرشحوهم ليسكنوا بناء هذه الدولة ويديروا أمورها فترة من الزمن ثم يعيد الشعب تقييمهم مرة أخرى وهكذا دواليك.

ان  أسوأ السيناريوهات فى نظرى هو أن يصل الاخوان لسدة الحكم ليقيموا ما يسمونه ب " دولة الخلافة " ويقبعوا على الكرسى بحجة اقامة الشريعة وتعبيد الناس لله ويجعلوا من أنفسهم أولياء على  الناس ويحكمون فى الأرض باسم الله عزوجل وهذا هو نفس ما فعلته الدعوات السابقة وسقطت به . قد تكون الأحوال فى بداية سنوات هذا الحكم جيدة ولكنها ومن المؤكد أنها ستسوء وستفقد الدعوة قدسيتها كما ستفقد الدولة قوتها وتعود الكرة من جديد ونبحث عن طريق للخلاص من هذه الديكتاتورية من جديد وان كنت أظن هذا  احتمالا  ضعيفا فنحن جميعا الآن عندنا ثقافة التبليغ كما أن الفقه السياسى الاسلامى قاعدته الأساسية  قول الله عزوجل " وشاورهم فى الأمر " وقوله جل شأنه " وأمرهم شورى بينهم " وهذا لا يجيز لنا جبر الناس على حكم معين أو على حاكم معين وان كان هذا الحكم بالشريعة أو ذلك الحاكم صحابى  .
ولنا فى موقف عمر بن عبد العزيز من خلعه لبيعة الحكم الوراثى علانية أمام الناس جميعا ثم أعاد الناس مبايعته بملء ارادتهم واختيارهم هذا بالنسبة للحاكم .
أما بالنسبة للحكم .. وأيضا مع عمر بن عبد العزيز عندما دخل جيشه الفاتح احدى البلاد دون أن يعرض عليهم ثلاثية الجهاد من الاسلام أو الجزية أو السيف فأخرجه عمر رحمه الله  مرة أخرى من المدينة بعد فتحها ليعرض على الناس من جديد هذه الاختيارات الثلاثة فقبلوا بالاسلام وذلك رغم كونهم غير مسلمين ورغم كون الجيش الفاتح سيقيم حكم الشريعة .. ولكن هذا هو الفهم الصحيح للسيا سة الاسلامية وشوريتها العتيدة وحريتها المقدسة .

وختاما  أكرر ما قاله العلامة الدكتور توفيق الشاوى من أن جماعة الاخوان المسلمين هى " ملك للأمة كلها " وليست ملكا للاخوان فقط يتحكمون فى مصيرها كيف شاؤوا فحتى وعندما يصل الاخوان الى مبتغاهم ان شاء الله  وحققوا مشروعهم الاصلاحى  فلابد وأن تبقى الجماعة والدعوة حارسين أمينين لهذا الاصلاح وتقومانه عند اعوجاجه لا أن تنتهى مع نجاح المشروع أو حتى لا قدر الله بعد سقوطه  من بعد النجاح .

                                                                              

رسالة الى القمر

فى ظهيرة يوم من الأيام وبينما أنا سائر وحدى وفجأة لما رفعت عينى لأرى طريقى .. اذ بى أرى القمر .... ياله من قمر لا أستطيع له وصفا ومهما أوردت من كلمات فلن أعطيه شيئا من حقه لقد هاجمنى بتلك النظرة الصاروخية فلعلها أصابتنى مباشرة حتى رأيتنى تيبست عينى و اصطدمت بقلبى أمامى صريعا فقلت فى نفسى تائها : رباه ...وهل يعتلى القمر سماء النهار ؟ أم هل يحجب القمر ضوء الشمس ؟ أم هل تذيب أنفاسه الساحرة حرارة الشمس المحرقة ؟ ................ وفجأة استيقظت ووجدتنى مازلت فى وسط الطريق واقفا وحاولت استرجاع عقلى مرارا وبالكاد لملمت قلبى من أمامى ثم نظرت أمامى وقلت لقدمى : هيا سيرى بالله عليك وهى تأبى الا الوقوف أو الرجوع فقلت لها : لعل الله عزوجل أن يجعل لنا يوما آخر وتحدث فيه هذه المعجزة مرة أخرى ومضيت مع نفسى فى طريقى.
ثم حدثت المعجزة ........
وأيضا فى الظهيرة .. وأيضا فجأة .. وأيضا وحدى
لا أدرى هل هذه مصادفة ؟ أم أنها اشارات القدر ؟ حقا لقد بدأت أظن نفسى من الأولياء !!!!!!
لعلكم تقولون ياله من مبالغ ! أو تقولون ياله من عاشق ! ولكنكم حتما لا تقدرون
ان لهذا القمر نظرات كأنها السهام فأحدها يصيب القلب حتى يوقفه عن الانقباض ..وآخر يصيب العين حتى لا ترى سواه وثالث يصيب القدم حتى لا تسير عكس ما يريد وهنا لا تملك الا الاعتراف بأنك قد غرقت وأن السحر قد أصاب المسحور وتخرج من قلبك راية بيضاء تحملها عيناك يراها القاصى والدانى وتحسبها أنت مخفية حتى يخبرك أحدهم بما تخفيه عينك ويحتويه قلبك ...ولكن كل هذا لا يهم
المهم هو هل يدرى هذا القمر؟ وهل يعرف ما فعل ؟ وهل يدرك حالى ؟
هل يدرك أنى أذوب فيه عشقا ؟ هل يدرك أن قلبى فارقنى مذ رأيته ؟ وأنه بات له أسيرا ؟؟؟؟؟
أيها القمر .........
انك انت قلب الحاضر ورفيق المستقبل .... فكم أنا من محظوظ عندما أعشق مثلك
أيها القمر......
أستحلفك بالله لا تبعدنى عنك بعيدا وأبقنى دوما بالقرب لعل الله يجعل من بعد ضيق مخرجا وان كنت سأظل قريبا لأنى لا أملك غير هذا. فانى لم أعد أملك نفسى أو حتى أسيطر على قلبى ..حتى توجيه عينى بعيدا ليست بيدى .
فأرجوك سيدى ... لا تحرمنى رؤيتك ولا تبعدنى عن مكان تفوح منه أنفاسك العطرة أو تزينه بنظراتك الساحرة أو تنيره بنورك السماوى .
كما أتوسل اليك لا تمنعنى طريقا يفخر بأنك سرت فيه يوما ولامسته أقدامك الحورية .. واغفر طمعى لو سألتك نظرات من عينك وضحكات من وجهك لعلها تنير ليا أياما لا تسطع فيها وأحلاما لا تغادرها .


ايران .... نظرة فكرية ورؤية استراتيجية

كانت الثورة الاسلامية فى ايران ولا شك من الأحداث المهمة فى القرن العشرين.فلقد نشأ عنها بالكلية نظام جديد فى دولة مهمة من دول الشرق ، نظام له أولوياته وسياساته والتى لها علاقة بنا وبمستقبلنا وقضايانا المهمة . وفى سبيل تحديد علاقاتنا مع ايران فلابد لنا أولا من فهم عقلية الثورة حتى نعرف كيف نتعامل معها.



نبعت الثورة الاسلامية من الفكر الشيعى الاثنى عشرى واستمدت منه قواها حتى نجحت فعلا فى تحويل المذهب الاثنى عشرى الى نظام سياسى بامتياز وذلك رغم عدم مرونة الفكر الاثنى عشرى فى هذا الاتجاه بالذات.


لقد غرق الفكر الاثنى عشرى فى دوامة اختفاء الامام الثانى عشر فى داخل السرداب والذى تعطلت مع هذا الاختفاء معظم أحكام الاسلام عند الشيعة الاثنى عشرية حتى جاء آية الله الخمينى وأخرج هذا الفكر من داخل ذلك السرداب.


لقد كان خروج الخمينى بنظرية ولاية الفقيه ودون سابق انذار حيث لم يسبقه اليها أحد من مراجع الشيعة على كثرتهم حدثا مدويا قلب طاولة الفكر الاثنى عشرى رأسا على عقب . وتقوم هذه النظرية ببساطة على أنه لا يصح أن يبقى الاسلام وأحكامه فى مغيب عن الحياة والدولة والحكم انتظارا لخروج الامام وعليه فانه يجب أن يتقدم الفقيه المجتهد لينوب عن الامام فى امارة الدولة وتطبيق أحكام الاسلام وله فى ذلك كل سلطات الامام من الطاعة المطلقة و العصمة أيضا المطلقة.


خرجت نظرية ولاية الفقيه فى ظل حكم ديكتاتورى تسلطى علمانى فى ايران هو حكم الشاه . كان الرجل يحكم فيها ايران بالحديد والنار وساءت فى عهده حالة الشعب الايرانى مثل حالة كثير من الشعوب العربية الآن من فقر وجهل وضيق عيش وتسلط وجبروت . ولك أن تعرف أن الشاه كان يسمى بالشرطى الأمريكى فى المنطقة وله من العلاقات مع اسرائيل ما كانت تعتبره حليفها الأول فى المنطقة وكان يمدها بالنفط حتى أنها حاربتنا فى أكتوبر 1973 بالنفط الايرانى المباشر.


وبهذا استطاعت نظرية ولاية الفقيه أن تشق طريقها فى داخل الوسط الاثنى عشرى رغم معارضة غالبية مراجع الشيعة لها ولكن الخمينى كان رجلا ذكيا أجاد قراءة التاريخ وفقه الواقع وتنبؤ المستقبل فراجت نظريته بين الناس وأصبح له من الأتباع الكثير والكثير وقامت الثورة ونجحت .


وبعد أن نجحت نظرية ولاية الفقيه ورسخت أقدامها فى السلطة الايرانية وأضحت أمرا واقعا فى المنطقة برمتها فما هو أفق التعامل معها ؟


بعيدا عن نظرات التعصب المذهبى الضيقة ، وفى ظل الواقع الحالى للأمة الاسلامية عموما والمنطقة العربية خصوصا فان علاقات جيدة مع ايران الثورة وتحالف وطيد معها لهو أمر ضرورى للعرب كافة ولمصر خاصة وذلك للأسباب التالية :


1- الوضع العالمى الجديد بعد سقوط الاتحاد السوفيتى وسيادة الولايات المتحدة كقطب أوحد لا شريك له ووجود اسرائيل فى خاصرة المنطقة العربية وتحالفها اللصيق مع الولايات المتحدة وهى تمثل فى ذات الوقت الخطر الأكبر ان لم يكن الأوحد على المنطقة العربية برمتها وفى القلب منها مصر ،وبعد غرق مصر فى نتائج اتفاقية كامب ديفيد وغدوها تابع مباشر للسياسة الأمريكية والاسرائيلية وفقدانها لدورها الاستراتيجى فاننا نحتاج ولا شك الى اعادة غرس أقدامنا فى المنطقة من جديد واعادة بناء قوتنا الناعمة فيها ومن ذلك التعاون الاستراتيجى مع الدول المهمة والكبيرة والتى لا يمكن تجاهلها مثل ايران وتركيا وباكستان .


2- انه لمن الغباء المطلق فى السياسة أن تلقى بنفسك بالكلية فى أحضان دولة واحدة وتدور فى فلك سياسة واحدة وخصوصا اذا كانت هذه الدولة دولة عظمى لأنك لن تصبح لها بهذا شريكا بل لن تعدو مجرد كونك تابعا أمينا لها وان كان ذلك على حساب مصالحك الاستراتيجية وعلى الأخص ان كنت فى مثل حالة الضعف التى نحياها الآن.


3- لما وجدت اسرائيل نفسها فى بداية أمرها غارقة فى وسط بحر عربى محيط بها وخصوصا دول الطوق العربى لجأت بعلاقاتها القوية الى دول الطوق الثانى وهى ايران وتركيا وباكستان فأقامت فى الماضى تحالفات قوية مع نظام الشاه الايرانى والدولة التركية واتبعت نظام الضغط غير المباشر على باكستان ..... والآن وقد تغير الوضع فى ايران وتركيا فلابد لنا من استغلال هذا التغير فى محاولة معادلة موازين القوى.


4- بمجئ الثورة الاسلامية الايرانية فقد تغيرت السياسة الايرانية كثيرا فلا هى أصبحت حليفة للولايات المتحدة ولا اسرائيل بل لقد أظهرت لهما العداء من أول يوم وأستطيع القول بكل ثقة أن ايران الثورة قد عرضت تحالفا جديدا مع العرب ولكن العرب رفضوا وما زالوا يرفضون وذلك لأنهم جميعا وبلا استثناء يدورون فى فلك السياسة الأمريكية ويلهثون خلف الرضا الاسرائيلى وهم فى ذلك مجبرون لأن جميع الأنظمة العربية وبلا استثناء أنظمة استبدادية جاءت للسلطة اما عن طريق انقلابات أو بالوراثة ولم يأت أحد منهم برضا الشعب واختياره ومكثوا على الكراسى ما يقارب الثلاثين عاما وكما أنهم لا يريدون التخلى عنها أو قل لا ينوون فهم على استعداد تام لفعل أى شئ تطلبه منهم أمريكا مقابل أن يبقوا على كراسيهم .


5- فى سبيل تبرير تنفيذ الأوامر الأمريكية والاسرائيلية بالبعد عن ايران واثارة مخاوف الشعوب منها لجأت الأنظمة العربية على ألسنة رؤسائها وحكامها الى اشاعة كثير من الأمور التى أقل ما توصف به بأنها "أمور تافهة " لا تنبنى عليها سياسات ولا تبرر بها مواقف . ومن هذه الأمور :


أولا : محاولة ايران نشر المذهب الشيعى على حساب المذهب السنى ومسألة الهلال الشيعى وتصدير الثورة .


وهنا أنا أتساءل منذ متى والأنظمة العربية تعمل على نشر المذهب السنى أو حتى تكترث له ؟ بل قل متى توقفت هذه الأنظمة على حرب المذهب السنى ودعاته تحت غطاء العلمانية تارة وتحت غطاء الأمن تارة أخرى !


ثم تنظر الى داخل هذه الدول فتجد أن المعتقلات فيها مخصصة للاسلاميين وحتى الدعاة والعلماء يحاربون ويشردون خارج البلاد .... وتنظر الى الاعلام الرسمى لهذه الدول فتجده وقد اتخذ الاسلام له عدوا .. وحتى المؤسسات الاسلامية الرسمية كالأزهر والزيتونة وغيرها فرغت تماما من العلماء الربانيين وولوا عليهم علماء السلطان كما يسمونهم حتى أصبحت هذه المؤسسات فى مهب الريح وهى التى حمت المذهب السنى قرونا عديدة وكل ذلك فى اطار حرب تجفيف المنابع ومما يضحكك أن هناك جهازا خاصا فى هذه الدول يسمى " جهاز مباحث أمن الدولة " مهمته تقتصر فقط على حرب تجفيف المنابع هذه ! وبعد كل ذلك يتباكون على المذهب السنى !!!!


ثانيا الفتنة السنية الشيعية.


لقد كانت هذه الفتنة من أنجح الفتاوى التى أفتت بها سماحة العلامة "كونداليزارايس" عندما جمعت وزراء المخابرات والخارجية لما يسمى بدول " الاعتدال " فى احدى الدول الخليجية وترتب عليها بعد ذلك ما ترتب من نتائج فادحة مازلنا نعيش فيها الى الآن ولن نبرأ منها قريبا.


ثالثا اتهام ايران بمساعدة حزب الله اللبنانى وحماس الفلسطينية .


والحق أن هذه الحجة المزدوجة والتى لا تنفك الأنظمة العربية من تكرارها لهى حجة مزدوجة مزدوجة ...... فمن الجانب الأول :


فهذه الحركات المقاومة فى فلسطين ولبنان قامت لمواجهة اسرائيل وتحرير الأراضى العربية المحتلة وذلك بعد الفشل البين لطريق المفاوضات والخسائر الفادحة من جرائه وهذا هو لب المشكلة فهذه الحركات المقاومة هكذا تكون محاربة للمشروع الأمريكى الصهيونى والذى تدور الأنظمة العربية فى فلكه وتأتمر بأمره وبالتالى فكان لابد على هذه الأنظمة العربية محاربة هذه الحركات التحررية كما كان لابد على ايران من مساعدة هذه الحركات لأن ذلك يتلاقى استراتيجيا مع المصالح الاستراتيجية الايرانية المناهضة للمشروع الصهيونى الأمريكى.


ومن الجانب الثانى .... فحركات التحرر الوطنى هذه اسلامية الطابع والتوجه وهذا مبرر كاف كى تحاربها الأنظمة العربية.


رابعا... تسمية الخليج العربى والجزر الاماراتية الثلاثة


أما بالنسبة للخليج العربى والذى تسميه ايران بالخليج الفارسى فلماذا لا نسميه "بالخليج الاسلامى" اذا كنا فعلا نريد مصلحة الأمة ولا نريد فقط اشاعة الخلاف ولكن اذا كنت أنت تريد التباهى بقوميتك فمن حق الآخرين أيضا أن يتباهوا بقوميتهم وليست قومية بأفضل من أخرى فاذا كان الفرس قبل الاسلام عباد للنار فلقد كان العرب عباد أوثان فليست هذه أفضل من تلك.


أما بالنسبة للجزر الاماراتية الثلاث والتى هى كذلك منذ زمن الشاه حيث فوض العرب الملك فيصل للذهاب الى الشاه والتنازل عن هذه الجزر" كما قال الأستاذ محمد حسنين هيكل " حيث كانوا جميعا يرهبون الشاه "شرطى أمريكا فى المنطقة " ولكن لما عادت أمريكا الثورة الاسلامية أعاد العرب فتح هذا الملف حتى يكون مبررا لموقفهم من العداء لايران وحتى هذه المشكلة يمكن حلها بالتفاوض المباشر اذا صدقت النوايا.


خامسا ....مايدهشنى حقا هو أن الأنظمة العربية لم تأت على ذكر موقف ايران من احتلال العراق وأفغانستان رغم أن ايران قد تعاونت مع أمريكا أو على الأقل وافقت بسكوتها فلماذا ذلك برأيك ؟


لقد تعاونت الأنظمة العربية جمعاء مع أمريكا فى احتلال البلدين واذا كانت ايران قد تعاونت مع أمريكا فى ذلك فقد كان لتحقيق مصالح استراتيجية لها وقد نجحت فى تحقيقها الى حد كبير فلقد أزالت أمريكا من العراق نظاما كان مناوئا للسياسة الايرانية بل وخطرا عليها وتولى الحكم فى العراق نظام جديد كامل الولاء لايران .. كما أنها فى حرب أفغانستان كان العالم كله مناصرا لأمريكا بعد حادث برجى التجارة العالميين ولم يكن لايران مصلحة فى معارضة هذه العاصفة الأمريكية .


ولكنى لا أدرى ما الذى كسبته الأنظمة العربية من التعاون مع أمريكا فى احتلالها لهذين البلدين غير امتلاء الخليج بالقواعد الأمريكية والاستيلاء على مصادر النفط العربى واشهار العصى الأمريكية لكل من يحاول رفع عينه فى وجه أمريكا أو اسرائيل ...... وبعد كل هذا فاننا نرى:

أنه ليس هناك من سبب جدى يعوق التفاهم مع ايران من أجل تحقيق مصالحنا واعادة أنفسنا الى خريطة الأحداث من جديد وان كنت على يقين أن هذا التفاهم وهذا التعاون الاستراتيجى لن يتم الا فى حالتين:


أولهما اضمحلال الامبراطورية الأمريكية من الوجود وبالتالى فلن تخشى الأنظمة العربية منها وهذا احتمال بعيد المنال.


ثانيهما أن تذهب هذه الأنظمة العربية وتنتهى من الوجود ويتولى الأمر فى الدول العربية أنظمة ديمقراطية منتخبة تسعى لتحقيق مصالح شعوبها وهذا هو ما نتمناه.

معاهدة حظر انتشار السلاح النووي



في ظل الاجتماعات التي جرت في واشنطن في مقر الامم المتحدة والمتعلقة بموضوع مراجعة معاهدة حظر انتشار السلاح النووي وما انبثق عنه من دعوة المؤتمر الي جعل منطقة الشرق الاوسط خالية من السلاح النووي واعادة صياغة المعاهدة علي ذلك في عام 2012 ومع تحفظ الولايات المتحدة علي ذكر اسرائيل بالاسم في ذلك ومع وصف اسرائيل لهذه الوثيقة بالنفاق فلقد هالني فعلا الضعف العام الذي تمر به السياسة العربية عموما والمصرية خصوصا في هذا الموضوع وفي هذه المحاورات والاجتماعات.


ورغم ان ممثل مصر تحدث عن ضرورة ضم اسرائيل الي هذه المعاهدة وتحدث ممثل الجامعة العربية عن ضرورة قيام "المجتمع الدولي"بالضغط علي اسرائيل للانضمام الي هذه المعاهدة فلقد ادركت ان السياسة الخارجية المصرية لا تحب ممارسة السياسة وتعتبرها شيئا بغيض اليها وعندها في ذلك الحق فمن"تدخل فيما لا يعنيه سمع مالا يرضيه"وايضا "فاقد الشئ لا يعطيه" .


وبينما ايران في سعيها الحثيث لامتلاك الطاقة النووية وقربها التام من هذا فلقد كان ممثلها في المؤتمر يهاجم بشدة الولايات المتحدة ويطالبها وبريطانيا بالتخلص من اسلحتهم النووية وتعهدهما بعدم مهاجمة اي دولة لا تمتلك هذا السلاح وتحدث الرئيس الايراني نجاد من قبل عن اسرائيل وامتلاكها للسلاح النووي وعدم انضمامها لمعاهدة حظر انتشار السلاح النووي.كما تحدث رئيس الوزراء التركي أردوغان في هذا الاتجاه أيضا وبهذا استطاعت الدولتان ايران وتركيا وضع اسرائيل تحت دائرة الضوء العالمي في هذا الموضوع وحشروها في الزاوية حتي ان رئيس الوزراء الاسرائيلي لم يذهب الي المؤتمر أصلا وأمريكا التي شجبت ذكر اسرائيل بالاسم في وثيقة المؤتمر لم تستطع ان تحمي اسرائيل كما تعودت والا فانها كانت ستواجه بفشل ذريع للمؤتمر والذي سيسبب مشكلة للادارة الامريكية الجديدة التي تصور للعالم انها تريد التخلص من الاسلحة النووية ومحاربتها حتي يكون لها مصداقية في موقفها من ايران.


وفي خضم هذه المعركة السياسية الناجحة بامتياز.........


ماذا كان يفعل العرب؟؟


وماذا كانت تفعل السياسة الخارجية المصرية؟
اكتفي العرب كعادتهم بالكلام فقط والتنديد والحديث عن اهمية ان يتحرك "المجتمع الدولي" ذلك الكائن الخيالي الذي لم يعد أحد يؤمن به الا السياسة العربية.


وحتي يتحرك هذا المجتمع الدولي كما يريد العرب فلن يكون هناك حاجة لهذه الحركة لان اسرائيل سوف تكون في حينها مسيطرة سيطرة تامة علي المنطقة والعرب جميعا في حظيرتها.


ولكن..


.ماذا كان يمكن للسياسة الخارجية المصرية ان تفعل؟


لقد كان من البديهي ان تتحرك السياسة الخارجية المصرية في هذه المعركة بكل قوتها وذلك لأنها:
 1_المستهدف الاول والتي يقع عليها الخطر الاعظم من امتلاك اسرائيل للسلاح النووي لان اسرائيل تستهدف مصر في المقام الاول وأمنها القومي كما أنها الخطر الأهم علي مصر وعدوها الاول.
 2_بهذا التحرك كان يمكن لمصر ان تتدارك الخطأ الفادح من التوقيع علي معاهدة السلام مع اسرائيل والتوقيع علي معاهدة حظر انتشار السلاح النووي في حين ان اسرائيل لم توقع علي هذه المعاهدة وهي تمتلك بالفعل ترسانة نووية وكان يمكن لمصر ان تستغل هذا الحراك الايراني التركي في مصلحتها.
 3_مصر الآن يتهددها خطر محدق فى موضوع مياه النيل والاتفاقية الجديدة التى غابت عنها مصر والسودان ولا تخفى الأيدى الاسرائيلية فى هذا الموضوع على أحد من علاقاتها القوية مع دول المصب وخصوصا أثيوبيا وبالتالى كان يمكن لمصر أن تهاجم اسرائيل فى قلبها وتحجمها فى هذه المنطقة الحيوية للأمن القومى المصرى فى حين تعمل مصر لاعادة وضعها الصحيح فى هذه الدول وبالتالى تقطع الطريق على اسرائيل.


ولأجل كل هذا كان يجب على السياسة المصرية استغلال هذه الفرصة لأقصى حد بأن تزيد فى تصريحاتها وضغطها على اسرائيل بالوسائل التالية:


1- أن يكون تمثيلها الدبلوماسى رفيعا فى هذا المؤتمر فان لم يكن الرئيس المصرى فليس أقل من وزير الخارجية المصرى .


2- التنسيق مع ايران وتركيا فى هذه الضغوط.


3- حشد الدول العربية بدلا من ذلك التمثيل الدبلوماسى الضعيف للعرب.


4- أن تهدد مصر والدول العربية خصوصا دول الطوق (سوريا - الأردن- لبنان) بالانسحاب من معاهدة حظر انتشار السلاح النووى ان لم تنضم اسرائيل الى هذه المعاهدة وتفتيش منشآتها النووية.
والحق أن هذه الاجراءات والسياسات لو كانت قد اتخذت بالشكل السليم وفى ظل أوضاع أمريكا الصعبة فى العراق وفشلها فى أفغانستان وتمرد ايران وخروج تركيا من الطاعة العمياء لها والمشاكل الاقتصادية فى الاتحاد الأوروبى لكانت بحق ضربة قوية" تحت الحزام "كما يسمونها والتى هى حق مشروع فى السياسة.


وللأسف فقد أثبتت السياسة الخارجية المصرية عجزها فى فهم السياسة أو تطبيقها وان كان يحسب لها نجاح سياستها فى حصار غزة والاستعداد لكسر أرجل الفلسطينيين الذين يحاولون العبور الى مصر للتزود بالطعام كما صرح بذلك وزير خارجيتنا الهمام .

القومية العربية الجديدة


تقف القومية العربية الآن ودعاتها فى مفترق الطرق .ففى أوائل القرن التاسع عشر ومع بزوغ فجر القومية العربية كهوية وبداية دعاتها فى الظهور وعلو نجمهم كانت دعوتهم بلا محتوى فكرى معين ولم يضعوا هم لها أى محتوى بل لقد تأثرت فى حينها بالحالة الأوروبية والاغراء الحضارى المذهل وكذلك بالضعف الاسلامى البين فى الضعف الفكرى للخلافة الاسلامية ... واستمرت هكذا فى كتابات روادها حتى مرحلة الثلاثينيات حيث بدأت الليبرالية تدخل كمحتوى للقومية العربية وبدأ دعاتها فى تأصيل الليبرالية ارتباطا بالقومية العربية .... ولكن غابت شمس هذه الدعوة مع نكبة فلسطين حيث انهارت هذه الدعوة تحت أقدام اليهود الصهاينة فى فلسطين .


ثم بعثت القومية العربية من جديد ولكن بمحتوى مختلف ألا وهو الاشتراكية والتى حملها النظام الناصرى ليبشر بها فى أقطار الأمة وشعوبها . ولقد استجاب له الكثير فمن حزب البعث السورى الى البعث العراقى الى الفاتح الليبية . وسادت هذه الدعوة وحكمت فترة طويلة ومنها ما زال يحكم الى الآن . ولكنها وأيضا تحت أقدام الاسرائيلين فى النكبة الثانية 1967 قد سقطت اكلينيكيا . وقد أثبتت هذه الدعوة فشلها فى تحقيق آمال الأمة بل حتى وتحقيق ما بشرت هى به شعوبها ودولها.


منذ ذلك الحين والقومية العربية قد خفت صوتها ان لم يكن قد سكت تماما ... والآن نحن ندعو الى ميلاد جديد للقومية العربية .........


                                                 ميلاد جديد


لا شك أن هذا الميلاد الجديد يحتاج الى توضيح بعض المرتكزات المهمة والتى بدونها سيصبح هذا الجنين مشوها ومنها ......


1-اعادة تعريف القومية العربية باعتبار" العربية "هى صلبها وليس القومية العنصرية . لقد عرف النبى صلى الله عليه وسلم العربية بأنها هى اللسان والحق أن هذه نظرة حضارية للقومية العربية حيث أن كل من يتكلم العربية ويجيد فنونها ويتقن تراكيبها فهو ابن القومية العربية وان كان أبواه أحدهما هنديا والآخر أوروبيا . وكل من لا يتكلم العربية ولا يجيد فنونها ولا يتقن تراكيبها فليس من القومية العربية فى شئ وان كان قرشى النسب وانظر الى الفائدة العظيمة من ذلك والتى قد ظهرت آثارها فى التاريخ العربى الاسلامى والتى قد شارك فيها جمهور كبير من العلماء غير العرب وفى مقدمتهم البخارى ومسلم .


2-أن يكون محتوى فكرة القومية العربية محتوى اسلامى بحت فى سياسته واقتصاده واجتماعه وفكره وطرحه على الناس وحسبنا من الأعوام ما ضاع خلف هراء الاشتراكية ووهم الرأسمالية . ويوم تقدم القومية بهذا المحتوى الاسلامى الى جماهير الأمة فلا شك أنها ستنساب فى العقول انسياب الماء فى الأرض العطشى .


3-أن تفهم العروبة فى هذا الاطار على أنها وعاء للاسلام وليست تعاليا ولا تفاخرا لجنس على لجنس أو لعرق على عرق . فلقد نزل الاسلام عربيا بلسان عربى مبين على نبى عربى أمين وبلغه للعالمين صحابة عرب طاهرون .


4-أن تكون العروبة من هذا المنطلق دعوة وبداية للتلاقى والاتحاد مع المسلمين من غير العرب وكثير ما هم . بحيث تكون هذه الدعوة هى الغطاء الذى يعود معه الى المسلمين جميعا وحدتهم وذلك مثل الوحدة الأولى والتى صاغها النبى صلى الله عليه وسلم وصحابته من بعده ومن سار على هذا النهج .


5-أن تكون نظرة هذه القومية الى الأقليات غير المسلمة فى هذه المنطقة العربية على أنهم جزء من هذه الحضارة فى الماضى والحاضر والمستقبل وعلى ذلك فهم يعيشون فى أوطانهم لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين لا تفرقة على دين ولا اضطهاد على عقيدة .






ان هذه النظرة الجديدة الى فكرة القومية العربية ستجمع ولا شك كثيرا من أتباع التيارين الكبيرين فى الأمة وهما التيار الاسلامى والتيار القومى العربى حتى تستطيع الأمة أن تجمع شتات نفسها من جديد وتمضى فى طريقها الى مكانها الرائد بين الأمم والذى غابت عنه منذ زمن بعيد.

مصر فى تيه النظام الرسمى المصرى



لا يشك قارئ واع للتاريخ في ان مصر كانت ولا تزال قلب الشرق عربيا كان او اوسطيا ولذلك فان كل او علي الاقل معظم الامبراطوريات والدول القوية التي قامت في هذه المنطقة كانت تضع مصر نصب اعينها وقد خبر المصريون انفسهم هذا واستقر في طبيعتهم النفسية فتجد دائما المصري بطبيعته ودون اى تكلف يعيش هذا الاحساس فينظر للمنطقة وكأنه حاميها وللعرب كأنه ملكهم وقائدهم وللمسلمين كأنه خليفتهم وهذا الشعور الذي اودعه اياه ربه سبحانه وتعالي بزغ منذ فجر التاريخ فالفراعنة من مصر اقاموا دولة كبرى وحضارة اكبر والاغريق لما اكتسحوا العالم سيطروا علي الشرق لما استقروا في مصر وكذلك الرومان وقد انتبه الاسلام لهذا مبكرا فتجد ان الدولة الاسلامية ضمت مصر في زمن خليفتها الراشد الثاني عمر بن الخطاب....... بمصر سيطرت الدولة الاسلامية علي جزء مهم ان لم يكن الاهم من افريقيا ثم استقر الامر حتي اصبحت القاهرة ثاني اهم مراكز الثقل في الدولة الاسلامية و في زمان ضعف هذه الدولة كانت مصر هي مركز الثقل الاول فتجدها في وجه الصليبين حجر عثرة وفي وجه التتار صخرة صماء ورغم ان التاريخ قد ركز تماما علي القادة العظام الذين قادوا مصر في هذه الفترات فمن الايوبيين الي المماليك ومن صلاح الدين الي قطز وبيبرس وقلاوون الا انه رغم عظم هؤلاء القادة فأنا علي يقين انهم لم يكن ليكونوا لولا مصر.....مصر الامة ومصر الدولة .



ولعل هذه الروح الكامنة والمحركة في داخل اهل مصر ليست الا دليلا علي ماحبا الله عز وجل به هذه الارض وعلي قدر قدرة الله سبحانه وتعالي لمصر ان تظل دوما هي المنقذ في لحظات الضياع والحامي في لحظات الضعف ان صلحت صلحت الامة كلها وان فسدت فسدت الامة كلها

وبهذه العقليه ومن هذا المنطلق لا بغيره سوف ننظر الي مصر الان واوضاعها الان ولذلك فقد أسهبت في ذكر هذة المقدمة حتي ان القارئ عندما يتابع ما سنقوله لاحقا لا يستغرب او يشعر اننا نحمل مصر اكثر مما تحتمل بل اننا نتحدث عن مصر التي نؤمن بها والتي نسعي الي استرجاعها فنحن لا نقول ما نقول من باب المعارضة او المناكفة السياسية بل من باب ما نؤمن به ولذلك نقول لهؤلاء الناظرين تحت اقدامهم والذين لن يعجبهم ما نقول

"ارفعوا رؤوسكم او تنحوا جانبا".

وللحق فاننا يجب ان نفرق بين مصر وبين من يقود مصر فمصر تمتلك كل المقومات والمستلزمات حتي تقوم بدورها الذي قدره الله عزوجل لها اما من يقود مصر فهو العامل المتغير فقد يكون قائدا جديرا بمصر فتعلو به الي الافق وقد يكون غير ذلك فيهبط بها الي الحضيض وهذا فعلا هو ما يحدث لمصر في العقود الاخيرة فلقد غابت مصر عن منطقتها التي لطالما صالت وجالت فيها بل لقد انتهك حمي مصر من كانوا بالامس رعاة يرعون حول حماها ويقبلون ماتجود به عليهم ونحن هنا لا نوجه نقدا لمصر فمصر عندنا مقدسة لا يجوز لاحد مهما كان ان يمسها او يقترب منها ويشهد الله اننا سنكون بالمرصاد لكل من تسول له نفسه هذا.......... اما نقدنا فهو لنظام مصر الرسمي او لحكام مصر لأنهم هم السبب لا غيرهم فيما اوصلوا اليه مصر ومصر براء من افعالهم تلك.



...... في داخل التيه ...........



لقد ادخل النظام الرسمي المصري مصر الي داخل تيه كبير وهو يحاول بذلك ان يجعل مصر تنسي طبيعتها وتنسي مكانتها حتي تصبح قزما يسهل لهذا النظام امتطاؤه لان النظام الرسمي المصري نظام قزم بطبيعته لا يستطيع ان يجاري مصر في عظمتها وقوتها ولا هو مناسب لدورها ولا لقدرها فهو يضرب فيها ويحاول ان يركعها وينسيها نفسها حتي يظل قابعا علي صدرها لأنه عندما تعود مصر الي طبيعتها وتسترد نفسها فانها ستضعهم في اماكنهم الصحيحة (تحت اقدامها).





............. المشهد الاول في داخل التيه ................

(الوضع الداخلي في مصر)





منذ انقلاب يوليو 1952 اعتمد النظام السياسي المصري علي ان يقلم عقول المصريين حتي يقتل في داخلهم روح مصر فاعتمد علي ان يجعل المصريين اكثر فقرا فقد ضيق عليهم في موارد عيشهم
ورغم ما اشاعه من محاولاته للتقدم والصناعة والانفتاح والاصلاح وغير ذلك فلطالما كان يعتمد علي ربط المصريين به في ارزاقهم وبالتالي يكونون تبعا له في ما يريد وقد تعددت في ذلك وسائله من بين تأميم البلد كلها او ما سمي بالقطاع العام حتي يصبح الجميع عنده عمالا وبالتالي يوظف من شاء ويفصل من شاء ,يطعم من شاء ويطرد من شاء ثم بعد ذلك اعتمد عصر الانفتاح وفيه باع البلد لمجموعة من افراد النظام وكأنه حول القطاع العام الواحد الي مجموعة من القطاعات العامة ففيه اصبحت مصر مقسمة بين عدة افراد وكأن كل واحد منهم استقل بجزء خاص من المصريين ليتحكم في ارزاقهم هذا من بقي منهم صاحب عمل اما من انضم الي قطار البطالة فهذا جائع يتحكم النظام في نسبة جوعه فيوما تكون مجاعة ويوما يطعمه قليلا فهو يتقلب من جوع الي مجاعة وهكذا .........ناهيك عن افساد التعليم ليخرج اجيالا مشوهة التفكير لا تعرف ماضيها وان عرفته عرفته مسخا مشوها تتنصل منه ولا تمتلك لمستقبلها رؤية واضحة ملغيا بذلك روح مصر في داخلهم فيجعلهم تبعا للغرب مرة وللشرق مرة يبحثون عن عزة عند غيرهم والعزة تعلمها العالم من مصرهم............وحتي تكتمل السلسلة فلقد الغي النظام من معجمه كلمة (الحرية) وتمادي في الاستبداد والتسلط والقهر حتي يقتل روح مصر مستعينا في ذلك "بمحللين" علماء كانوا او مفكرين يصورون لك الاستبداد مطلق الحرية والتسلط مطلق الشورى ,والجبن مطلق الشجاعة ,والتخاذل مطلق السياسة وهؤلاء هم حقا (دعاة علي ابواب جهنم) وسيأتي اليوم الذي تقف فيه مصر شامخة الرأس عالية الكرامة وتضع هؤلاء في اماكنهم الصحيحة(تحت اقدامها)



المشهد الثاني في داخل التيه

(الوضع الخارجي)

1_فلسطين



لقد كانت قضية فلسطين واغتصابها وزرع الكيان الصهيوني فيها رغما عن انف الشرق كله كانت ولا شك خنجرا مسموما في خاصرة المنطقة بأكملها ومحاولة تكاد تكون ناجحة لانهاء قوة هذة المنطقة الخطيرة من العالم والتي تستمدها من قوة دول المنطقة وشعوبها.ولا نذهب بعيدا حين نقول ان زرع الكيان الصهيوني في هذه المنطقة بالذات وبغض النظر عما يقوله الصهاينة من توراتهم المحرفة انما هو خنجر في خاصرة سلطة مصر ومناطق قوتها ونفوذها التاريخية او كل في مناطق التمدد الطبيعي لمصر وللعجب فان صراعات مصر التاريخية كانت تدور حول هذه المناطق حول الشام وفلسطين شرقا وحول السودان ودول النيل جنوبا وحول الشمال الافريقي غربا والبحر المتوسط شمالا وكانت مصر التاريخية تعتبر هذه المناطق اما تابعة لسلطانها او علي الاقل حليفة قوية لها. ولذلك كان الكيان الصهيوني قطعا لايادي مصر الخارجية وخنقا لها في جغرافيتها الضيقة وابعادا لها عن مناطق نفوذها التاريخية ومن هنا كان هذا الكيان هو التهديد الاخطر والمباشر والاول علي مصر.الان كيف تعامل النظام الرسمي المصري مع هذا الخطر؟ قامت( الثورة والانقلاب) في مصر سنة1952 ومن اهم بواعثها ماحدث للجيش المصري في 48 وفي معركة الفالوجا في فلسطين ولكن وللعجب فان اهداف الثورة الستة التي وضعتها لم تجعل فيها بندا واحدا للقضاء علي الكيان الصهيوني الذي هو الخطر المباشر علي مصر ونتيجة لهذا الصمت فقد تحول الكيان الصهيوني من منطقة الدفاع الي منطقة الهجوم علي مصر في عقر دارها وحدث ما حدث في 56و67 وذلك بعد ان وطد اركانه في منطقة الشام وبذلك يكون قد قطع ذراع مصر الايسر. ثم بدأت مصر تستيقظ وتنفض عن كاهلها غبار نظامها الرسمي وحدثت معركة العاشر من رمضان 73 ولكن ومرة اخري يعود النظام الرسمي الي عادته القديمة من الضعف والتقزم ويوقع علي اتفاقبة عزل مصر عن منطقتها التاريخية وسلطاتها الفعلية ويحجمها في داخل جغرافيتها والتي لم تعد حتي لها السيطرة الكاملة علي كل اركانها وحقا نقول(لقد كانت اتفاقية كامب ديفيد تثبيتا لبقاء مصر داخل التيه وامعانا في اضعلفها وتقليص نفوذها وقطع اياديها). منذ ان قال النظام الرسمي ان99% من اوراق الحل في يد امريكا فقد كان يقصد ان بقائه وبقاء عرشه جاثما فوق صدر مصر لنما هو بيد امريكا ومن هنا اتجه بالكلية الي امريكا يقدسها ويحني لها رأسه وينفذ لها كل ما تأمر به ولم يكن صعبا علي النظام الرسمي ان يفهم ان جزءا من ارضاء السيد الامريكي هو بطاعة السيد الصهيوني وان الطريق الي الكعبة البيضاء لابد له من الاحرام من تل ابيب. هنا بدأ النظام الرسمي المصري وسيده الصهيوني يتعاونان علي اضعاف مصر ويتحدان علي حربها وتقليص نفوذها وحبسها في قفص لم يجعلوه حتي قفصا ذهبيا بل جعلوه قفصا من الحديد الصدأ الذي اكل عليه الزمان وشرب...ومن هنا فأنت تفهم لماذا يحارب النظام الرسمي المصري المقاومة الفلسطينية ولماذا ينحاز الي جانب من يريدون ان يبيعوا فلسطين للصهاينة عبر اتفاقيات ومفاوضات يقدمون فيها في كل يوم جزءا جديدا من ارض فلسطين او كل من نفوذ مصر ومناطقها التاريخية ومن هنا اتساءل............. هل الجدار الفولاذي يبني لمحاصرة غزة ام لمحاصرة مصر؟

اليس صمود غزة وانتصارها في الحرب الاخيرة هو انتصار لمصر؟

اليس في هزيمة الكيان الصهيوني في حرب غزة الاخيرة هزيمة للنظام الرسمي المصري؟

لمن سيكون الغلبة في هذا الصراع,لمصر ام للنظام المصري وسيده الصهيوني؟