معاهدة حظر انتشار السلاح النووي



في ظل الاجتماعات التي جرت في واشنطن في مقر الامم المتحدة والمتعلقة بموضوع مراجعة معاهدة حظر انتشار السلاح النووي وما انبثق عنه من دعوة المؤتمر الي جعل منطقة الشرق الاوسط خالية من السلاح النووي واعادة صياغة المعاهدة علي ذلك في عام 2012 ومع تحفظ الولايات المتحدة علي ذكر اسرائيل بالاسم في ذلك ومع وصف اسرائيل لهذه الوثيقة بالنفاق فلقد هالني فعلا الضعف العام الذي تمر به السياسة العربية عموما والمصرية خصوصا في هذا الموضوع وفي هذه المحاورات والاجتماعات.


ورغم ان ممثل مصر تحدث عن ضرورة ضم اسرائيل الي هذه المعاهدة وتحدث ممثل الجامعة العربية عن ضرورة قيام "المجتمع الدولي"بالضغط علي اسرائيل للانضمام الي هذه المعاهدة فلقد ادركت ان السياسة الخارجية المصرية لا تحب ممارسة السياسة وتعتبرها شيئا بغيض اليها وعندها في ذلك الحق فمن"تدخل فيما لا يعنيه سمع مالا يرضيه"وايضا "فاقد الشئ لا يعطيه" .


وبينما ايران في سعيها الحثيث لامتلاك الطاقة النووية وقربها التام من هذا فلقد كان ممثلها في المؤتمر يهاجم بشدة الولايات المتحدة ويطالبها وبريطانيا بالتخلص من اسلحتهم النووية وتعهدهما بعدم مهاجمة اي دولة لا تمتلك هذا السلاح وتحدث الرئيس الايراني نجاد من قبل عن اسرائيل وامتلاكها للسلاح النووي وعدم انضمامها لمعاهدة حظر انتشار السلاح النووي.كما تحدث رئيس الوزراء التركي أردوغان في هذا الاتجاه أيضا وبهذا استطاعت الدولتان ايران وتركيا وضع اسرائيل تحت دائرة الضوء العالمي في هذا الموضوع وحشروها في الزاوية حتي ان رئيس الوزراء الاسرائيلي لم يذهب الي المؤتمر أصلا وأمريكا التي شجبت ذكر اسرائيل بالاسم في وثيقة المؤتمر لم تستطع ان تحمي اسرائيل كما تعودت والا فانها كانت ستواجه بفشل ذريع للمؤتمر والذي سيسبب مشكلة للادارة الامريكية الجديدة التي تصور للعالم انها تريد التخلص من الاسلحة النووية ومحاربتها حتي يكون لها مصداقية في موقفها من ايران.


وفي خضم هذه المعركة السياسية الناجحة بامتياز.........


ماذا كان يفعل العرب؟؟


وماذا كانت تفعل السياسة الخارجية المصرية؟
اكتفي العرب كعادتهم بالكلام فقط والتنديد والحديث عن اهمية ان يتحرك "المجتمع الدولي" ذلك الكائن الخيالي الذي لم يعد أحد يؤمن به الا السياسة العربية.


وحتي يتحرك هذا المجتمع الدولي كما يريد العرب فلن يكون هناك حاجة لهذه الحركة لان اسرائيل سوف تكون في حينها مسيطرة سيطرة تامة علي المنطقة والعرب جميعا في حظيرتها.


ولكن..


.ماذا كان يمكن للسياسة الخارجية المصرية ان تفعل؟


لقد كان من البديهي ان تتحرك السياسة الخارجية المصرية في هذه المعركة بكل قوتها وذلك لأنها:
 1_المستهدف الاول والتي يقع عليها الخطر الاعظم من امتلاك اسرائيل للسلاح النووي لان اسرائيل تستهدف مصر في المقام الاول وأمنها القومي كما أنها الخطر الأهم علي مصر وعدوها الاول.
 2_بهذا التحرك كان يمكن لمصر ان تتدارك الخطأ الفادح من التوقيع علي معاهدة السلام مع اسرائيل والتوقيع علي معاهدة حظر انتشار السلاح النووي في حين ان اسرائيل لم توقع علي هذه المعاهدة وهي تمتلك بالفعل ترسانة نووية وكان يمكن لمصر ان تستغل هذا الحراك الايراني التركي في مصلحتها.
 3_مصر الآن يتهددها خطر محدق فى موضوع مياه النيل والاتفاقية الجديدة التى غابت عنها مصر والسودان ولا تخفى الأيدى الاسرائيلية فى هذا الموضوع على أحد من علاقاتها القوية مع دول المصب وخصوصا أثيوبيا وبالتالى كان يمكن لمصر أن تهاجم اسرائيل فى قلبها وتحجمها فى هذه المنطقة الحيوية للأمن القومى المصرى فى حين تعمل مصر لاعادة وضعها الصحيح فى هذه الدول وبالتالى تقطع الطريق على اسرائيل.


ولأجل كل هذا كان يجب على السياسة المصرية استغلال هذه الفرصة لأقصى حد بأن تزيد فى تصريحاتها وضغطها على اسرائيل بالوسائل التالية:


1- أن يكون تمثيلها الدبلوماسى رفيعا فى هذا المؤتمر فان لم يكن الرئيس المصرى فليس أقل من وزير الخارجية المصرى .


2- التنسيق مع ايران وتركيا فى هذه الضغوط.


3- حشد الدول العربية بدلا من ذلك التمثيل الدبلوماسى الضعيف للعرب.


4- أن تهدد مصر والدول العربية خصوصا دول الطوق (سوريا - الأردن- لبنان) بالانسحاب من معاهدة حظر انتشار السلاح النووى ان لم تنضم اسرائيل الى هذه المعاهدة وتفتيش منشآتها النووية.
والحق أن هذه الاجراءات والسياسات لو كانت قد اتخذت بالشكل السليم وفى ظل أوضاع أمريكا الصعبة فى العراق وفشلها فى أفغانستان وتمرد ايران وخروج تركيا من الطاعة العمياء لها والمشاكل الاقتصادية فى الاتحاد الأوروبى لكانت بحق ضربة قوية" تحت الحزام "كما يسمونها والتى هى حق مشروع فى السياسة.


وللأسف فقد أثبتت السياسة الخارجية المصرية عجزها فى فهم السياسة أو تطبيقها وان كان يحسب لها نجاح سياستها فى حصار غزة والاستعداد لكسر أرجل الفلسطينيين الذين يحاولون العبور الى مصر للتزود بالطعام كما صرح بذلك وزير خارجيتنا الهمام .

هناك تعليق واحد:

إرسال تعليق