القومية العربية الجديدة


تقف القومية العربية الآن ودعاتها فى مفترق الطرق .ففى أوائل القرن التاسع عشر ومع بزوغ فجر القومية العربية كهوية وبداية دعاتها فى الظهور وعلو نجمهم كانت دعوتهم بلا محتوى فكرى معين ولم يضعوا هم لها أى محتوى بل لقد تأثرت فى حينها بالحالة الأوروبية والاغراء الحضارى المذهل وكذلك بالضعف الاسلامى البين فى الضعف الفكرى للخلافة الاسلامية ... واستمرت هكذا فى كتابات روادها حتى مرحلة الثلاثينيات حيث بدأت الليبرالية تدخل كمحتوى للقومية العربية وبدأ دعاتها فى تأصيل الليبرالية ارتباطا بالقومية العربية .... ولكن غابت شمس هذه الدعوة مع نكبة فلسطين حيث انهارت هذه الدعوة تحت أقدام اليهود الصهاينة فى فلسطين .


ثم بعثت القومية العربية من جديد ولكن بمحتوى مختلف ألا وهو الاشتراكية والتى حملها النظام الناصرى ليبشر بها فى أقطار الأمة وشعوبها . ولقد استجاب له الكثير فمن حزب البعث السورى الى البعث العراقى الى الفاتح الليبية . وسادت هذه الدعوة وحكمت فترة طويلة ومنها ما زال يحكم الى الآن . ولكنها وأيضا تحت أقدام الاسرائيلين فى النكبة الثانية 1967 قد سقطت اكلينيكيا . وقد أثبتت هذه الدعوة فشلها فى تحقيق آمال الأمة بل حتى وتحقيق ما بشرت هى به شعوبها ودولها.


منذ ذلك الحين والقومية العربية قد خفت صوتها ان لم يكن قد سكت تماما ... والآن نحن ندعو الى ميلاد جديد للقومية العربية .........


                                                 ميلاد جديد


لا شك أن هذا الميلاد الجديد يحتاج الى توضيح بعض المرتكزات المهمة والتى بدونها سيصبح هذا الجنين مشوها ومنها ......


1-اعادة تعريف القومية العربية باعتبار" العربية "هى صلبها وليس القومية العنصرية . لقد عرف النبى صلى الله عليه وسلم العربية بأنها هى اللسان والحق أن هذه نظرة حضارية للقومية العربية حيث أن كل من يتكلم العربية ويجيد فنونها ويتقن تراكيبها فهو ابن القومية العربية وان كان أبواه أحدهما هنديا والآخر أوروبيا . وكل من لا يتكلم العربية ولا يجيد فنونها ولا يتقن تراكيبها فليس من القومية العربية فى شئ وان كان قرشى النسب وانظر الى الفائدة العظيمة من ذلك والتى قد ظهرت آثارها فى التاريخ العربى الاسلامى والتى قد شارك فيها جمهور كبير من العلماء غير العرب وفى مقدمتهم البخارى ومسلم .


2-أن يكون محتوى فكرة القومية العربية محتوى اسلامى بحت فى سياسته واقتصاده واجتماعه وفكره وطرحه على الناس وحسبنا من الأعوام ما ضاع خلف هراء الاشتراكية ووهم الرأسمالية . ويوم تقدم القومية بهذا المحتوى الاسلامى الى جماهير الأمة فلا شك أنها ستنساب فى العقول انسياب الماء فى الأرض العطشى .


3-أن تفهم العروبة فى هذا الاطار على أنها وعاء للاسلام وليست تعاليا ولا تفاخرا لجنس على لجنس أو لعرق على عرق . فلقد نزل الاسلام عربيا بلسان عربى مبين على نبى عربى أمين وبلغه للعالمين صحابة عرب طاهرون .


4-أن تكون العروبة من هذا المنطلق دعوة وبداية للتلاقى والاتحاد مع المسلمين من غير العرب وكثير ما هم . بحيث تكون هذه الدعوة هى الغطاء الذى يعود معه الى المسلمين جميعا وحدتهم وذلك مثل الوحدة الأولى والتى صاغها النبى صلى الله عليه وسلم وصحابته من بعده ومن سار على هذا النهج .


5-أن تكون نظرة هذه القومية الى الأقليات غير المسلمة فى هذه المنطقة العربية على أنهم جزء من هذه الحضارة فى الماضى والحاضر والمستقبل وعلى ذلك فهم يعيشون فى أوطانهم لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين لا تفرقة على دين ولا اضطهاد على عقيدة .






ان هذه النظرة الجديدة الى فكرة القومية العربية ستجمع ولا شك كثيرا من أتباع التيارين الكبيرين فى الأمة وهما التيار الاسلامى والتيار القومى العربى حتى تستطيع الأمة أن تجمع شتات نفسها من جديد وتمضى فى طريقها الى مكانها الرائد بين الأمم والذى غابت عنه منذ زمن بعيد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق