مصر فى تيه النظام الرسمى المصرى



لا يشك قارئ واع للتاريخ في ان مصر كانت ولا تزال قلب الشرق عربيا كان او اوسطيا ولذلك فان كل او علي الاقل معظم الامبراطوريات والدول القوية التي قامت في هذه المنطقة كانت تضع مصر نصب اعينها وقد خبر المصريون انفسهم هذا واستقر في طبيعتهم النفسية فتجد دائما المصري بطبيعته ودون اى تكلف يعيش هذا الاحساس فينظر للمنطقة وكأنه حاميها وللعرب كأنه ملكهم وقائدهم وللمسلمين كأنه خليفتهم وهذا الشعور الذي اودعه اياه ربه سبحانه وتعالي بزغ منذ فجر التاريخ فالفراعنة من مصر اقاموا دولة كبرى وحضارة اكبر والاغريق لما اكتسحوا العالم سيطروا علي الشرق لما استقروا في مصر وكذلك الرومان وقد انتبه الاسلام لهذا مبكرا فتجد ان الدولة الاسلامية ضمت مصر في زمن خليفتها الراشد الثاني عمر بن الخطاب....... بمصر سيطرت الدولة الاسلامية علي جزء مهم ان لم يكن الاهم من افريقيا ثم استقر الامر حتي اصبحت القاهرة ثاني اهم مراكز الثقل في الدولة الاسلامية و في زمان ضعف هذه الدولة كانت مصر هي مركز الثقل الاول فتجدها في وجه الصليبين حجر عثرة وفي وجه التتار صخرة صماء ورغم ان التاريخ قد ركز تماما علي القادة العظام الذين قادوا مصر في هذه الفترات فمن الايوبيين الي المماليك ومن صلاح الدين الي قطز وبيبرس وقلاوون الا انه رغم عظم هؤلاء القادة فأنا علي يقين انهم لم يكن ليكونوا لولا مصر.....مصر الامة ومصر الدولة .



ولعل هذه الروح الكامنة والمحركة في داخل اهل مصر ليست الا دليلا علي ماحبا الله عز وجل به هذه الارض وعلي قدر قدرة الله سبحانه وتعالي لمصر ان تظل دوما هي المنقذ في لحظات الضياع والحامي في لحظات الضعف ان صلحت صلحت الامة كلها وان فسدت فسدت الامة كلها

وبهذه العقليه ومن هذا المنطلق لا بغيره سوف ننظر الي مصر الان واوضاعها الان ولذلك فقد أسهبت في ذكر هذة المقدمة حتي ان القارئ عندما يتابع ما سنقوله لاحقا لا يستغرب او يشعر اننا نحمل مصر اكثر مما تحتمل بل اننا نتحدث عن مصر التي نؤمن بها والتي نسعي الي استرجاعها فنحن لا نقول ما نقول من باب المعارضة او المناكفة السياسية بل من باب ما نؤمن به ولذلك نقول لهؤلاء الناظرين تحت اقدامهم والذين لن يعجبهم ما نقول

"ارفعوا رؤوسكم او تنحوا جانبا".

وللحق فاننا يجب ان نفرق بين مصر وبين من يقود مصر فمصر تمتلك كل المقومات والمستلزمات حتي تقوم بدورها الذي قدره الله عزوجل لها اما من يقود مصر فهو العامل المتغير فقد يكون قائدا جديرا بمصر فتعلو به الي الافق وقد يكون غير ذلك فيهبط بها الي الحضيض وهذا فعلا هو ما يحدث لمصر في العقود الاخيرة فلقد غابت مصر عن منطقتها التي لطالما صالت وجالت فيها بل لقد انتهك حمي مصر من كانوا بالامس رعاة يرعون حول حماها ويقبلون ماتجود به عليهم ونحن هنا لا نوجه نقدا لمصر فمصر عندنا مقدسة لا يجوز لاحد مهما كان ان يمسها او يقترب منها ويشهد الله اننا سنكون بالمرصاد لكل من تسول له نفسه هذا.......... اما نقدنا فهو لنظام مصر الرسمي او لحكام مصر لأنهم هم السبب لا غيرهم فيما اوصلوا اليه مصر ومصر براء من افعالهم تلك.



...... في داخل التيه ...........



لقد ادخل النظام الرسمي المصري مصر الي داخل تيه كبير وهو يحاول بذلك ان يجعل مصر تنسي طبيعتها وتنسي مكانتها حتي تصبح قزما يسهل لهذا النظام امتطاؤه لان النظام الرسمي المصري نظام قزم بطبيعته لا يستطيع ان يجاري مصر في عظمتها وقوتها ولا هو مناسب لدورها ولا لقدرها فهو يضرب فيها ويحاول ان يركعها وينسيها نفسها حتي يظل قابعا علي صدرها لأنه عندما تعود مصر الي طبيعتها وتسترد نفسها فانها ستضعهم في اماكنهم الصحيحة (تحت اقدامها).





............. المشهد الاول في داخل التيه ................

(الوضع الداخلي في مصر)





منذ انقلاب يوليو 1952 اعتمد النظام السياسي المصري علي ان يقلم عقول المصريين حتي يقتل في داخلهم روح مصر فاعتمد علي ان يجعل المصريين اكثر فقرا فقد ضيق عليهم في موارد عيشهم
ورغم ما اشاعه من محاولاته للتقدم والصناعة والانفتاح والاصلاح وغير ذلك فلطالما كان يعتمد علي ربط المصريين به في ارزاقهم وبالتالي يكونون تبعا له في ما يريد وقد تعددت في ذلك وسائله من بين تأميم البلد كلها او ما سمي بالقطاع العام حتي يصبح الجميع عنده عمالا وبالتالي يوظف من شاء ويفصل من شاء ,يطعم من شاء ويطرد من شاء ثم بعد ذلك اعتمد عصر الانفتاح وفيه باع البلد لمجموعة من افراد النظام وكأنه حول القطاع العام الواحد الي مجموعة من القطاعات العامة ففيه اصبحت مصر مقسمة بين عدة افراد وكأن كل واحد منهم استقل بجزء خاص من المصريين ليتحكم في ارزاقهم هذا من بقي منهم صاحب عمل اما من انضم الي قطار البطالة فهذا جائع يتحكم النظام في نسبة جوعه فيوما تكون مجاعة ويوما يطعمه قليلا فهو يتقلب من جوع الي مجاعة وهكذا .........ناهيك عن افساد التعليم ليخرج اجيالا مشوهة التفكير لا تعرف ماضيها وان عرفته عرفته مسخا مشوها تتنصل منه ولا تمتلك لمستقبلها رؤية واضحة ملغيا بذلك روح مصر في داخلهم فيجعلهم تبعا للغرب مرة وللشرق مرة يبحثون عن عزة عند غيرهم والعزة تعلمها العالم من مصرهم............وحتي تكتمل السلسلة فلقد الغي النظام من معجمه كلمة (الحرية) وتمادي في الاستبداد والتسلط والقهر حتي يقتل روح مصر مستعينا في ذلك "بمحللين" علماء كانوا او مفكرين يصورون لك الاستبداد مطلق الحرية والتسلط مطلق الشورى ,والجبن مطلق الشجاعة ,والتخاذل مطلق السياسة وهؤلاء هم حقا (دعاة علي ابواب جهنم) وسيأتي اليوم الذي تقف فيه مصر شامخة الرأس عالية الكرامة وتضع هؤلاء في اماكنهم الصحيحة(تحت اقدامها)



المشهد الثاني في داخل التيه

(الوضع الخارجي)

1_فلسطين



لقد كانت قضية فلسطين واغتصابها وزرع الكيان الصهيوني فيها رغما عن انف الشرق كله كانت ولا شك خنجرا مسموما في خاصرة المنطقة بأكملها ومحاولة تكاد تكون ناجحة لانهاء قوة هذة المنطقة الخطيرة من العالم والتي تستمدها من قوة دول المنطقة وشعوبها.ولا نذهب بعيدا حين نقول ان زرع الكيان الصهيوني في هذه المنطقة بالذات وبغض النظر عما يقوله الصهاينة من توراتهم المحرفة انما هو خنجر في خاصرة سلطة مصر ومناطق قوتها ونفوذها التاريخية او كل في مناطق التمدد الطبيعي لمصر وللعجب فان صراعات مصر التاريخية كانت تدور حول هذه المناطق حول الشام وفلسطين شرقا وحول السودان ودول النيل جنوبا وحول الشمال الافريقي غربا والبحر المتوسط شمالا وكانت مصر التاريخية تعتبر هذه المناطق اما تابعة لسلطانها او علي الاقل حليفة قوية لها. ولذلك كان الكيان الصهيوني قطعا لايادي مصر الخارجية وخنقا لها في جغرافيتها الضيقة وابعادا لها عن مناطق نفوذها التاريخية ومن هنا كان هذا الكيان هو التهديد الاخطر والمباشر والاول علي مصر.الان كيف تعامل النظام الرسمي المصري مع هذا الخطر؟ قامت( الثورة والانقلاب) في مصر سنة1952 ومن اهم بواعثها ماحدث للجيش المصري في 48 وفي معركة الفالوجا في فلسطين ولكن وللعجب فان اهداف الثورة الستة التي وضعتها لم تجعل فيها بندا واحدا للقضاء علي الكيان الصهيوني الذي هو الخطر المباشر علي مصر ونتيجة لهذا الصمت فقد تحول الكيان الصهيوني من منطقة الدفاع الي منطقة الهجوم علي مصر في عقر دارها وحدث ما حدث في 56و67 وذلك بعد ان وطد اركانه في منطقة الشام وبذلك يكون قد قطع ذراع مصر الايسر. ثم بدأت مصر تستيقظ وتنفض عن كاهلها غبار نظامها الرسمي وحدثت معركة العاشر من رمضان 73 ولكن ومرة اخري يعود النظام الرسمي الي عادته القديمة من الضعف والتقزم ويوقع علي اتفاقبة عزل مصر عن منطقتها التاريخية وسلطاتها الفعلية ويحجمها في داخل جغرافيتها والتي لم تعد حتي لها السيطرة الكاملة علي كل اركانها وحقا نقول(لقد كانت اتفاقية كامب ديفيد تثبيتا لبقاء مصر داخل التيه وامعانا في اضعلفها وتقليص نفوذها وقطع اياديها). منذ ان قال النظام الرسمي ان99% من اوراق الحل في يد امريكا فقد كان يقصد ان بقائه وبقاء عرشه جاثما فوق صدر مصر لنما هو بيد امريكا ومن هنا اتجه بالكلية الي امريكا يقدسها ويحني لها رأسه وينفذ لها كل ما تأمر به ولم يكن صعبا علي النظام الرسمي ان يفهم ان جزءا من ارضاء السيد الامريكي هو بطاعة السيد الصهيوني وان الطريق الي الكعبة البيضاء لابد له من الاحرام من تل ابيب. هنا بدأ النظام الرسمي المصري وسيده الصهيوني يتعاونان علي اضعاف مصر ويتحدان علي حربها وتقليص نفوذها وحبسها في قفص لم يجعلوه حتي قفصا ذهبيا بل جعلوه قفصا من الحديد الصدأ الذي اكل عليه الزمان وشرب...ومن هنا فأنت تفهم لماذا يحارب النظام الرسمي المصري المقاومة الفلسطينية ولماذا ينحاز الي جانب من يريدون ان يبيعوا فلسطين للصهاينة عبر اتفاقيات ومفاوضات يقدمون فيها في كل يوم جزءا جديدا من ارض فلسطين او كل من نفوذ مصر ومناطقها التاريخية ومن هنا اتساءل............. هل الجدار الفولاذي يبني لمحاصرة غزة ام لمحاصرة مصر؟

اليس صمود غزة وانتصارها في الحرب الاخيرة هو انتصار لمصر؟

اليس في هزيمة الكيان الصهيوني في حرب غزة الاخيرة هزيمة للنظام الرسمي المصري؟

لمن سيكون الغلبة في هذا الصراع,لمصر ام للنظام المصري وسيده الصهيوني؟

هناك تعليق واحد:

د/أحمد محمد عبد الفتاح يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.

إرسال تعليق