الاسلام والمجتمع وجها لوجه ( الجزء الأخير )

ان الناظر الى مجتمعاتنا عموما والى مجتمعنا الذى نحيا فيه خصوصا لوجد أنها تختلف عما نتصور ومع ما اليه نرمى وان كنت لست من عشاق الحديث عن السلبيات رغم ولعى بالحديث عن الواقع ولكنك اذا نظرت الى مجتمعاتنا وقارنتها بمجتمع القرون الخيرية كما وصفها النبى صلى الله عليه وسلم بقوله " خير القرون قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" لوجدت أن الفرق شاسع والبون كبير .. وذلك رغم أن الاسلام هو نفسه والقرآن هو نفسه والسنة هى نفسها لم يتغير ولم يتبدل منهم شئ .... اذا أين المشكلة ؟
المشكلة فى رأيى هى " التطبيق " وذلك أن النص موجود ولكن المطبق غير موجود وهنا المشكلة حيث أن ذلك يفقد النص حركيته ويجعله حبرا على ورق وكما قلت سابقا فاننا " نقول ونقول ونقول " ماكان الصحابة رضوان الله عليهم جميعا " يفعلونه " ولا نفعل نحن وهذا هو فيروس المرض الذى جعلنا نتأخر كل هذا التأخر عن النموذج الخيرى بوصف النبى صلى الله عليه وسلم .
واذا تحدثنا قليلا عن " المجتمع " لوجدنا أنه مجنى عليه على الأقل فى رأيى وذلك لأنه يجهل كل مانتحدث عنه فهؤلاء أناس ولدوا ورأوا آبائهم هكذا يعيشون فعاشوا على دروبهم وساروا على خطاهم غير أنى لا أعفى المجتمع تماما من المسئولية ولكنى أميل الى وضعه فى خانة "المجنى عليه " ودليلى على ذلك أنه لما يقوم للاسلام داعية واع فاهم فقيه للاسلام وللواقع وللمجتمع فالناس عليه تجتمع وخلفه تسير ويحيى من الناس من استغرق الافساد عقودا فى اماتتهم .... وهنا موطن النقاش لكتاب " معالم فى الطريق " اذ أنى أرى أن الشهيد سيد قطب رحمه الله قد عامل المجتمع وكأنه يعرف الاسلام معرفة تامة وتربى عليه تربية تامة وكما فسره هو فى" ظلال القرآن " وهذا وضع للمجتمع فى مكانة عالية جدا من فهم الاسلام ومعرفته وبالتالى لما كان المجتمع منافيا لهذا الاسلام وكما لو كان المجتمع يعرف ولا يتبع أو يعرف ويخالف فهنا أسقط عليه الشهيد رحمه الله هذا الحكم القوى " بالجاهلية " .. وهنا محط النظر حيث أن الصحابة رضوان الله عليهم حتى يتقبلوا القرآن المدنى بأحكامه وتشريعاته ويطيعوه هذه الطاعة العمياء لم يكن ذلك ليكون لولا هذه التربية المكية والتى استغرقت ثلاث عشر سنة على يدى النبى صلى الله عليه وسلم ودليل ذلك أن من سقط فى فتنة الردة كانوا من المسلمين الذين دخلوا الى الاسلام بعد فتح مكة ولم يقضوا الوقت الكافى للتربية فى كنف النبى صلى الله عليه وسلم ولما عرضت الفتنة سرعان ما سقطوا فيها
وهنا فان كلام الشهيد رحمه الله قد ينطبق على مجتمع توافرت له التربية السليمة الصحيحة على خطى النبى صلى الله عليه وسلم ثم بعد ذلك يعرض عليهم ما عرضه سيد قطب رحمه الله فان خالفوا هنا يسقط الحكم عليهم .

أخيرا وليس آخرا فان تعامل الاسلام مع المجتمع فى رأيى تقوم على التربية ثم على التربية ثم على التربية وليس على شئ غير التربية حتى وان قاوم المجتمع فى بداية الأمر الا وانه فى النهاية يذعن ان شاء الله تعالى للاسلام ... وفى التاريخ عبرة لمن يعتبر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق